حاذِر أن يتحوّل ابنك إلى روبوت؟

باتت التكنولوجيا هي العنوانَ الأبرزَ في هذا العصر، وأصبح الطفل ينشأ بين تطبيقاتها، ويتربى على مُخرجاتها، ويتذبذب مع ثوراتها، ولا يزال إيقاعها السريع يقودنا ويقود أطفالنا إلى حلقات لا متناهية من التغيّرات التكنولوجيّة.

غير أن واقع الحياة فيه من المواقف الاجتماعية، والجوانب المهنية، والمنعطفات الحياتية، ما يتطلّب مهاراتٍ إنسانيّةً فائقة، ومعارفَ واسعةً، وخبرةً عميقة، واحترافيّةً عالية في التعامل معها.

فهل ابنك مؤهَّلٌ لكل ذلك؟ وهل يملك من المهارات ما يمكّنه من الاستمرار في الحياة بكلّ تفاصيلها ؟

لا شكّ أنّ اكتسابَ المهارات التكنولوجية أمرٌ في غاية الأهميّة في هذا العصر، ولكنّ الاكتفاءَ به في شَقّ طريق النّجاح والسعادة، ومواجهةِ جوانب الحياة المختلفة، كاكتفاء الطائر بجناحٍ واحد للتحليق في السماء، فلا غروَ إنْ كان الإخفاق من نصيبه، ولا غروَ إنْ تاهَ وسط عثرات الطريق.

لن يطير ابنُك في سماء الحياة، ولن يحقق ما يصبو إليه من إنجازات ونجاحات، إلا إذا امتلك مهاراتٍ حياتيّةً، واكتسب خبراتٍ واقعيةً، أمّا إذا اعتمد على التكنولوجيا فقط، واعتاد عليها طيلة حياته، فستصبح بالنسبة له “منطقة راحة”، يعجز عن الخروج منها، لأنه لا يتقن غيرها، وسيتحوّل إلى روبوت بلا روح إنسانية، ولا حياة اجتماعية، ولا مهارات حياتيّة.

إنّ التكاملَ بين الجانب المهاري الحياتي والجانب التكنولوجي هو عنوانُ التوازنِ والنجاح، وهو مفتاحُ التميّز والتفوّق، وهو ما يشكّل تحدّياً في العصر الحديث، وابنك يستحق منك خوض التحدّي، فأدرك ابنك قبل فوات الأوان، واصنع منه إنساناً متوازناً، قادراً على اقتحام غِمار الحياة بقوّة وثقة.

فما هي المهارات المهمّة لتنمية شخصية ابنك؟

أولاً: مهارة التواصل الفعّال مع الآخرين:
والاحتكاك بهم مباشرة، بدون حواجز التكنولوجيا، والقدرة على الحديث أمامهم، والاستماع إليهم، وخوض النّقاشات والمفاوضات معهم، وهذه من أهمّ المهارات التي يُنصح باكتسابها والتدرّب عليها، وإنّ من أفضلِ الطرق لإكساب الأبناء هذه المهارة تعريضَهم المباشر لمواقف حياتية، يتمّ فيها التواصل مع الآخرين والحديث معهم وأمامهم.

ثانياً:  مهارة العمل ضمن فريق:
ولا تخفى على أحد أهميةُ العمل الجماعي، فهذا هو مفتاح النجاح في معظم مجالات الحياة والعمل، وهذه المهارة تنطوي على مهارات أخرى، كالتحكّم في الذات، والقدرة على حلّ المشكلات واتخاذ القرارات، وتقبّل اختلافات الآخرين واحترامها، ومعرفة التعامل مع الشخصيات الصعبة، وغيرها من المهارات، وإنّ من أفضل الطرق لإكساب ابنك هذه المهارة مشاركته في تدريبات تفاعلية وألعاب جماعية توجِد نشاطات شبيهة بالتجربة الواقعية للعمل ضمن فريق.

ثالثاً: مهارة إدارة الشخصية:
واكتسابه هذه المهارة تجعله قادراً على التعامل بتوازن وثقة مع نفسه، كما تجعله مؤهلاً ليكون شخصية منظّمة ومؤثرة وناجحة في المستقبل، وإنّ من أفضل الطرق لاكتساب هذه المهارة هو التعلّم أو التجربة المباشرة، والتدرّب المستمر على كيفية تحقيق الوعي الذاتي ومراقبة الانفعالات الشخصية.

هذه بعض المهارات المهمّة التي يحتاجها الأبناء، ويحرص عليها الآباء والأمهات حرصاً نابعاً من الوعي والمسؤولية تجاه أبنائهم؛ استعداداً لاستقبال الحياة بجاهزية كاملة وثقة عالية.