التدريب ما له وما عليه

مع انفتاح العالم وازدياد المنافسين، وتزاحم المنتجات في كل مجال، أصبح التميز هو العنوان، وغدت النوعية هي المقياس، وصار الإتقان هو المفتاح لنيل الفرص، وزيادة الإنتاج، فلم يعد التحصيل العلمي – في الغالب – هو الدليل على وجود المهارة، وحُسن الأداء، وقوة العمل، وتوجّهت الأنظار نحو ما من شأنه أن يغلق هذه الفجوة، ويسدّ الخلل، فكان التدريب هو الحلّ الفعّال، وقد أصبحت له مكانة مركزية ومهمة في عالمنا اليوم، فقد أثبتت العمليات التدريبية الصحيحة كفاءتها في بناء القدرات، وتطوير المهارات، وتحسين الأداء.


فما هو التدريب؟ وما الفرق بينه وبين التعليم، وما هي خصائصه ؟ وهل هناك حاجة حقيقية للتدريب؟

⬅ ما هو التدريب؟
– التدريب: هو مجموعة الطرق والنشاطات والجهود الفعّالة التي تهدف إلى إيصال المعارف والمعلومات بالعرض والتطبيق والإشراف والمتابعة، بغرض تطوير قدرات الأفراد، وإكسابهم مهارات جديدة، في مختلف المجالات الحياتية، وصولاً بهم إلى النمو والإتقان في المجال الذي يتدربون فيه؛ لتحسين أدائهم وإنتاجهم، وذلك من خلال تطبيق العملية التدريبية بوسائل متعددة.


⬅ الفرق بين التعليم والتدريب:

يستخدم بعض الباحثين هذين المصطلحين على أنهما مترادفان، فيغفلون الفروقات التي بينهما، لكن الصحيح أن المصطلحين وإن كانا يشتركان في كونهما يعبران عن جانب من العملية التربوية التعليمية، إلا أن لكلّ منهما ما يميزه عن الآخر:

  • فالتعليم عملية تقوم على إعطاء المعلومة المجردة للمتعلم، أما التدريب، فيقوم فيه المتدرب بتطبيق المعلومة وممارستها، فالتدريب هو التعلّم من خلال الأداء والممارسة.
  • يقتصر التعليم على إكساب المتعلم المعلومات والمعارف، بينما يقوم التدريب – بالإضافة إلى ما سبق – على تنمية المهارات، وتغيير السلوك والقناعات.
    وجدير بالذكر، أن التدريب مرحلة لاحقة للتعليم، ولكنها مهمة وضرورية، وبدونها يبقى التعليم ناقصاً.
    وهذه الفروقات تنقلنا للحديث عن خصائص التدريب.


    ⬅خصائص التدريب:
    – يمتاز التدريب بخصائص متعددة، منها:
  • تطبيق المعلومات النظرية بشكل عملي، مما يعمّق فهمها، ويُكسب المتدربين بُعداً جديداً في التعامل معها، بالإضافة إلى المهارات التي تصاحب عملية التطبيق، والتي تجعل المتدرب متمكّناً في ذلك المجال.
  • تبادل الخبرات بين المتدربين، ومشاركة المعارف فيما بينهم، ففي التدريب فرصة جيدة للتعرّف على خبرات الآخرين، والإفادة منها.
  • من خصائص التدريب أنه يوفر فرصة التركيز على جوانب خاصة، وأهداف محددة، يحتاج فيها المتدرب إلى تقوية وتمكين.
  • في التدريب يبرز جانب المشاركة بين كافة الأفراد المشاركين، وذلك من خلال الأنشطة والتمارين التدريبية المشتركة، فيتقوى التعاون، وتتوطد الأواصر بينهم.
    • عالم التدريب مليء بالفائدة التي تقدَّم في قالب من المتعة، فهو يكسر الجمود الذي قد يصاحب عملية التعليم، وذلك من خلال تطبيق الأنشطة الإبداعية واستخدام الألعاب التدريبية المتنوعة.

      ⬅ الحاجة إلى التدريب:
      أصبحت الحاجة إلى التدريب ملحّة وضرورية في هذا العصر، لما له من فوائد تعود على العديد من المجالات، منها:
  • يساعد التدريب على رفع الكفاءة الإنتاجية للمؤسسة والارتقاء إلى الجودة المطلوبة، وتطبيق العمل بشكل فعّال، والسعي إلى سدّ الثغرات الموجودة بين المعايير المحدّدة والأداء الحقيقي للموظفين، ويكون ذلك من خلال تزويد الموظفين بالمهارات اللازمة لذلك، مما يؤهل المؤسسة أو الشركة لمواكبة المنافسة في السوق، كما يعود بالأثر الجيد على دخل الموظف نفسه.
  • تقليل الصرف، واختصار الوقت المطلوب لأداء العمل بفاعلية.
  • التدريب الذي يرفع الكفاءة الإنتاجية يعود بمردود اقتصادي أكبر على المؤسسة من تكلفة التدريب نفسه.
  • تطوير أداء الموظف الجديد، وإكسابه مجموعة من الخبرات المعرفية والمهارات الضرورية ليؤدي عمله بطريقة متميزة، وليكون أكثر تمكّناً من مسؤوليات العمل، مما يقوّي فرصة حصوله على الترقية بعمله.
  • إثراء خبرات الموظف القديم ورفع كفاءته وتطوير قدراته؛ لحل المشكلات التي يواجهها في عمله، وإكسابه المهارات اللازمة للتكيّف مع ظروف العمل الموجودة.
  • إشباع طموح الموظف الذي يسعى لتطوير نفسه بشكل مستمر، وتنمية مساره الوظيفي.
  • تنمية مهارات التفكير التأملي، والقدرات البحثية لدى المتدربين، وذلك من خلال الدورات التدريبية، وبحوث العمل.
  • تعزيز سلامة العاملين في المؤسسة، وتقليل مخاطر العمل، وذلك من خلال تقديم التدريب المناسب للموظفين، على كيفية التعامل مع الآلات بطرق أكثر أماناً، وكيفية التعامل مع المواد الخطرة، … إلخ ، مما يؤدي إلى تقليل تعرّضهم للحوادث.
  • إدارة المعدات والآلات المستخدمة داخل المنظمة والمؤسسة الحكومية بكفاءة، بالإضافة إلى الحد من تكلفة إصلاحها وصيانتها.
  • رفع مستوى وعي الموظفين للتطورات والتغيرات التي تطرأ على كيفية عمل المؤسسة التي يعملون فيها، وهذا يؤدي إلى تقبّلهم لعملية التغيير والاستعداد لها، بل والإسهام في التجديد والتطوير.
  • تحسين معنويات الموظفين، وزيادة انتمائهم بالمؤسسة التي ينتمون لها، وذلك حين يشعر الموظف بحرص المؤسسة على تطويره مهنياً، وزيادة كفاءته،، وهذا كله يعود بالتطوير على العلاقات البشرية والسلوكية داخل بيئة العمل.
  • تتضمّن الكثير من الدورات التدريبية برامج خاصة للتدريب على كيفية المحافظة على التوازن النفسي، وكيفية التعامل مع الآخرين على اختلاف أنماط شخصياتهم، وهذه مهارات حياتية، تساعد الإنسان في فهم نفسه وفهم الآخرين، مما يزيد من سعادته وتأقلمه مع ظروف الحياة.
  • تتضمن الكثير من الدورات التدريبية برامج خاصة لتدريب الأفراد على كيفية إدارة المال والنفقة، سواء أكانوا يعملون في مجال المال أم لا.
  • التدريب استثمار حقيقي، واستخراج فعّال لقدرات الإنسان الكامنة، وصقل لكثير من المهارات الحياتية والمهنية، التي تُسهّل العيش، وتخفّف من وطأة العمل.